هل كانت الحياة وردية مع ايديث بياف ؟

ايديث بياف

عندما تسمع صوتها لأول مرةٍ لا تتخيل أن صاحبة هذا الصوت القوي القادرة على التحكم فى طبقات صوتها ببساطة شديدة وبتقنية عالية هي إمرأة هشةٌ صغيرةٌ يكسوها الحزن واللون الأسود, المغنية الفرنسية ايديث بياف “روح باريس” التي غنت عن أوجاع القلب، عن الحب المستحيل، عن الفقراء…. والتي جسدت بموسيقاها الحياة البائسة القاسية في شوارع باريس, كانت معظم أغانيها من تجاربها الشخصية فقد عانت الكثير من المآسي في حياتها، هذه الأغاني التي مازالت عشقاً وإدماناً للكثير من عشاق ومحبي الموسيقى والغناء من شتى أنحاء العالم تحضنهم بكلمات “مضادة” لليأس…

 

ايديث بياف (1963 -1915)

ورثت إيديث بياف صوتها الجميل عن أمها التي كانت مغنية شعبية تغني في شوارع باريس برفقة ابنتها الصغيرة, أما والدها فقد كان بهلوانياً يعمل في السيرك, عاشت إيديث طفولة فقيرة صعبةً, ففي بداية حياتها عندما ذهب والدها إلى الحرب تركتها أمها في بيت جدتها وسعت في سبيل تحقيق شهرتها، هذا الهدف الذي لم يتحقق بأي حال من الأحوال, فحولت ابنتها إلى أتعس طفلة في العالم.

عانت إيديث البرد والجوع والإهمال في بيت جدتها لأمها، وعندما علم والدها ذلك أودعها عند والدته التي كانت تدير بيتاً للدعارة, وكان هذا هو المكان الوحيد الذي حظيت فيه بالرعاية والاهتمام من النساء اليائسات مثلها، الذين استعادوا جزءاً من برائتهم في اللهو والغناء مع الطفلة الصغيرة زرقاء العينين, كما اهتموا بها عندما فقدت بصرها لفترة طويلة جداً في طفولتها معهم, ووفقاً لأحد مؤلفي سيرتها الذاتية، استعادت بصرها بعد أن جمعت عاهرات جدتها أموالاً لمرافقتها في رحلة مقدسة لتكريم القديسة تيريزا. وتقول إيديث “أن هذا الشفاء كان بمثابة معجزة”.

تعرف إلى اشهر تسع مغنيات فرنسيات

بداية حياتها الفنية

في عمر الرابعة عشر عاد والدها وأخذها معه في جولاته ساعياً لكسب لقمة العيش, هذه الجولات كانت سبباً في اكتشاف جمال صوت إيديث, فيما بعد انفصلت عن والدها الذي غالباً ما كان متقلب المزاج لتبدأ الغناء في الشوارع برفقة صديقتها الأبدية المخلصة سيمون بيرتوت, لكنها لم تهمل أباها الذي أحبته وبقيت تعتني به, أصبح الغناء بالنسبة لإديث وسيلتها الوحيدة في كسب النقود والبقاء على قيد الحياة في عمر السابعة عشر أصبحت أماً لطفلة اسمها مارسيل, لكنها لم تستطع الاهتمام بها كما يجب بسبب طبيعة عملها فتوفيت هذه الطفلة بعد عامين من ولادتها إثر مرض التهاب السحايا, الأمر الذي ندمت عليه إيديث حتى لحظات احتضارها الأخيرة..

في أحد الأيام وأثناء غنائها في أحد الشوارع برفقة صديقتها سيمون سمعها وأعجب بصوتها مالك نادي ليلي “لويس لوبليه” – الذي اعتبرته إيديث فيما بعد والدها الروحي – فعمل على تقديمها للناس في النادي الذي يملكه وأسس مسيرتها المهنية بالرغم من شخصيتها المضطربة وأعطاها لقب لا موم بياف ” La Môme Piaf ” أي العصفورة الصغيرة نظراً لقصر قامتها وطريقة مشيها التي تشبه تحليق العصفورة, كما اختار لها الثوب الأسود ليكون علامتها المميزة مدى الحياة، لكن الأمور لم تسر على ما يرام فترةً طويلةً فبعد مقتل لوبليه اشتبهت الشرطة بها وهددت الضجة التي أثارتها وسائل الإعلام بعرقلة وتدمير مسيرة بياف الفنية حتى بعد إثبات براءتها.

فيما بعد تعرفت على “ريمون أسو “، الشاعر والملحن ورجل الأعمال الذي كان له الفضل في إعادة تقديمها لعالم آخر أكثر رقياً, كما علمها أن تعطي ليديها الحياة وهي تغني، وأن تمثل الحالة والإحساس على المسرح، وذلك بمساعدة الملحنة مارغريت مونو التي آمنت أيضاً بقدرة إديث وأخلصت لها فكتبت لها معظم اغانيها ورافقتها لوقت طويل, فشكل الاثنان ثنائياً حدد لإديث ملامح مسيرتها الفنية, أصبح لإيديث الكثير من الأصدقاء المشهورين من ممثلين وفنانين وشعراء. إلا أن الشاعر الفرنسي جان كوكتو كان من أعز أصدقائها، فيما بعد تعاونت بياف مع الممثل والمغني بول موريس ثم مع الصحفي هينري كونتيت لفترة قصيرة ناجحة ثم مع فرقة “Les Compagnons de la Chanson ” المؤلفة من تسعة أعضاء شاركتهم إديث في تسجيل عدد من الأعمال.

ساعدت بياف العديد من الفنانين على بناء حياتهم المهنية منهم مغني البوب الفرنسي إيف مونتان، مغنية الفولكلور الأرجنتينية Atahualpa Yupanqui ، وشارلز آزنافور….

 

حياتها الشخصية

حياتها الشخصية كانت تسودها الفوضى. عشقها رجالٌ كثيرون وعشقت هي القليل منهم، وقد بررت ضعفها تجاه الرجال في أحد مقابلاتها أنه جاء كنتيجة لنشأتها بماخور، فشبّت وهي تعتقد أنه عندما يدعو رجل امرأة فليس لها أن ترفض, لكن هذا لا يعني أنها قبلت كل علاقة في حياتها, بل فقط من أرادتهم هي. التقت ايديث بياف بحب حياتها في أمريكا وهو الملاكم الفرنسي مارسيل سيردان, لكن لم يكتب لإديث السعادة في حبّها مع مارسيل الذي كان رجلاً متزوجاً لم يترك زوجته رغم علاقته العاطفيه مع إيديث ومن ثم توفي في تحطم طائرة, فغرقت إيديث في دوامة الذنب والحزن والحب، وبدأت تعاطي المخدارت والكحول. سجلت فيما بعد أغنية “Hymne a L’Amour” مكرسة إياها لحبها الوحيد الذي لن تتوقف عن حبه أبداً “مارسيل سيردان”.

تزوجت في عام 1952 من مغني البوب جاك بيل الذي دعمته وساعدته ليحقق الشهرة لكن هذا الزواج لم يستمر بضع سنوات, كما تزوجت في عام 1961 الشاب اليوناني ثيو سارابو الذي كان مصفف شعر تحول إلى مغني فيما بعد, والذي اتهمته الصحافة الفرنسية بأنه يطمع في ثروة إيديث خصوصاً أنها كانت مريضة جداً في تلك الفترة كما كانت تكبره بـ 20 عاماً.

منتصف الخمسينات كانت فترة الذروة الفنية بالنسبة لإيديث, قامت بجولات عالمية ناجحة وسجلت العديد من الأغاني الناجحة إلا أن سنوات من تعاطي المخدرات والكحول بالإضافة لتعرضها لثلاثة حوادث مميتة، كانت قد زعزعت صحتها بشكل خطير للغاية حتى صارت تبدو كعجوز ستينية وهي بعد في الأربعينيات من عمرها, كما انهارت على المسرح عدة مرات إحداها في نيويورك حيث نُقلت إلى المستشفى وخضعت لعملية جراحية في المعدة.

فيما بعد سجلت إيديث أغنيتها الكلاسيكية الخالدة “Non، Je Ne Regrette Rien” التي كتبها الأسطوري شارل دومون.

 

وفاتها

توفيت ايديث بياف بمرض السرطان بعمر ال47 , وعلى الرغم من حرمان رئيس أساقفة الكنيسة الكاثوليكية في باريس من القداس لإيديث بياف بسبب نمط حياتها، إلا أن موكب جنازتها تبعه عشرات الآلاف من المشيعين – وهي المرة الوحيدة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية التي توقفت فيها حركة المرور الباريسية, دُفنت بياف في باريس إلى جانب ابنتها – ويعد قبرها من بين أكثر القبور زواراً وزهوراً.

تم تخصيص متحف خاص من غرفتين لها في باريس Musée Édith Piaf, بالقرب من المقبرة يحتوي على تذكارات بما في ذلك اللباس والأحذية، والصور الفوتوغرافية، ورسائل المعجبين, والملصقات، والتسجيلات….

تم تصوير فيلم يروي سيرة حياتها (La Vie en Rose (La Môme في فرنسا برؤية مغايرة هدفت إلى فهم بياف وتقديم إحساسها وإبداعها وليس بعرض فصول حياتها فقط فكان ناجحاً بكل المقاييس, وهو بطولة الممثلة الفرنسية ماريون كوتيار “Marion Cotillard ” التي جسدت الشخصية بأداء مذهل وكأنها تلاشت في هالة إيديث، وفازت بهذا الدور بجائزة الأوسكار لأفضل ممثلة.

وفقاً لناقدين ثقافيين، تعدّ إيديث بالإضافة لشارل أزنافور المغنية التي نشرت اللغة الفرنسية في العالم.كما تعد من أوائل الفنانات اللواتي ساعدن فى تشكيل الهوية الفرنسية فى القرن العشرين، حيث إنها أثناء الحرب العالمية الثانية كانت تغنى للنازيين فى ملهى ليلى يدعى «١٢٢»، وبعد ذلك اتضح أنها كانت تساعد المقاومة الفرنسية من خلال عملها وتساعد الأسرى عن طريق علاقاتها بكبار الضباط الألمان، وفى أكثر من مرة تمكنت من إنقاذ رجل مقاومة من الإعدام.

يمكن القول أن إديث بياف كذبت علينا عندما أخبرتنا بأن الحياة وردية، فقد كانت حياتها سلسلة من الخسائر والمعارك بين الغناء والبقاء، بين العيش والحب, كما لو أن عنوان حياتها “الفقدان والحرمان” فقد حُرمت من حنان أمها وجدتها كما فقدت كل من أحبتهم والدها، السيدة تيتين التي اعتنت بها في بيت جدتها لإبيها، بصرها، أبيها الروحي, طفلتها، حبيبها مارسيل, لتجعلنا مقتنعين – ربما – بأن الإبداع يولد دائماً من رحم المعاناة.

حوار مع ايديث بياف

جزء من الحوار البسيط الذي أجرته معها صحفية فرنسية عن رؤية إديث حول الحياة. 

– ما هو لونك المفضل؟
– الأزرق

– من هم أصدقاؤك المخلصين؟
– الأصدقاء الحقيقيون هم الأصدقاء المخلصون

-هل تحبين الليل؟
– حين يكون مضاءاً جداً

-هل تخافين الموت؟
– أقل من الوحدة

-ما هي أجمل لحظات حياتك المهنية؟
– كل لحظة ترفع فيها الستارة

-ماذا سيحدث لو لم تتمكنين من الغناء؟
– لن أتمكن من العيش

– ما هي النصيحة التي تعطيها إلى النساء؟
– أحبوا
– إلى الفتيات؟
– أحبوا
– إلى الأطفال؟
– أحبوا

– لمن تحيكين الصوف؟
– لمن يحب أن يرتدي كنزاتي…

  1. Marion Cotillard ( Edith Piaf ) -  Non, je ne regrette rienMarion Cotillard ( Edith Piaf ) - Non, je ne regrette rien
  2. Marion Cotillard ( Edith Piaf ) -  Non, je ne regrette rien
    Marion Cotillard ( Edith Piaf ) - Non, je ne regrette rien
    Marion Cotillard ( Edith Piaf ) - Non, je ne regrette rien


  3. Edith Piaf - La Vie En RoseEdith Piaf - La Vie En Rose
  4. Edith Piaf - La Vie En Rose
    Edith Piaf - La Vie En Rose
    Edith Piaf - La Vie En Rose


  5. Edith Piaf - Autumn Leaves (Les Feuilles Mortes)Edith Piaf - Autumn Leaves (Les Feuilles Mortes)
  6. Edith Piaf - Autumn Leaves (Les Feuilles Mortes)
    Edith Piaf - Autumn Leaves (Les Feuilles Mortes)
    Edith Piaf - Autumn Leaves (Les Feuilles Mortes)


  7. edith piaf - padam padamedith piaf - padam padam
  8. edith piaf - padam padam
    edith piaf - padam padam
    edith piaf - padam padam


  9. Edith Piaf - L'Hymne a l'amour (Subtitulado)Edith Piaf - L'Hymne a l'amour (Subtitulado)
  10. Edith Piaf - L'Hymne a l'amour (Subtitulado)
    Edith Piaf - L'Hymne a l'amour (Subtitulado)
    Edith Piaf - L'Hymne a l'amour (Subtitulado)


  11. Édith Piaf - Hymne à l'Amour (English Lyrics, Paroles Française)Édith Piaf - Hymne à l'Amour (English Lyrics, Paroles Française)
  12. Édith Piaf - Hymne à l'Amour (English Lyrics, Paroles Française)
    Édith Piaf - Hymne à l'Amour (English Lyrics, Paroles Française)
    Édith Piaf - Hymne à l'Amour (English Lyrics, Paroles Française)


  13. Édith Piaf - Milord (English Lyrics, Paroles Française)Édith Piaf - Milord (English Lyrics, Paroles Française)
  14. Édith Piaf - Milord (English Lyrics, Paroles Française)
    Édith Piaf - Milord (English Lyrics, Paroles Française)
    Édith Piaf - Milord (English Lyrics, Paroles Française)


  15. Édith Piaf - La Foule (English Lyrics, Paroles Français)Édith Piaf - La Foule (English Lyrics, Paroles Français)
  16. Édith Piaf - La Foule (English Lyrics, Paroles Français)
    Édith Piaf - La Foule (English Lyrics, Paroles Français)
    Édith Piaf - La Foule (English Lyrics, Paroles Français)


  17. Edith Piaf - Dans Ma Rue (English Lyrics)Edith Piaf - Dans Ma Rue (English Lyrics)
  18. Edith Piaf - Dans Ma Rue (English Lyrics)
    Edith Piaf - Dans Ma Rue (English Lyrics)
    Edith Piaf - Dans Ma Rue (English Lyrics)


  19. Edith Piaf - Mon Dieu (My God)Edith Piaf - Mon Dieu (My God)
  20. Edith Piaf - Mon Dieu (My God)
    Edith Piaf - Mon Dieu (My God)
    Edith Piaf - Mon Dieu (My God)


  21. Edith Piaf - Tu es partout (with lyrics)Edith Piaf - Tu es partout (with lyrics)
  22. Edith Piaf - Tu es partout (with lyrics)
    Edith Piaf - Tu es partout (with lyrics)
    Edith Piaf - Tu es partout (with lyrics)


 

 




Related Posts